المصور الايطالى فيليبوليبى
انبهر بالحضارة الاسلاميه واختار الكتابه العربية
لتزيين وشاح السيده العزراء
كتب / سلامه مدكور
هو مصور رائع من القرن لخامس عشر – انبهر بالفنون والزخارف الاسلاميه – لم يعجبه احجاف منتقديها لمجرد انها اسلاميه – غرق فى استيعابها وتصورها – واخذه ذهول اَسر مع اسرار خطوطها وهندستها وزخارفها وايقاعاتها ذات السمت الهائل الصمت والمتكلم فى ان واحد .
اغرق روحه ومشاعره فى تذوق الحروف العربية وجمالها الأخاذ وسحرها العجيب وكان ضمن الفنانين الاوربين العظام الذين استرعت انتباههم الحروف العربية ووجدوا فيها كثيراً من الصفات الزخرفية والشكلية والجماليه مما جعلهم يقبلون على استخدام الخط العربى فى زخرفة تحفهم ومبانيهم واَثارهم المختلفه وقد ذكرت الدكتورة إيناس حسنى فى كتابها الرائع (التلامس الحضارى الاسلامى الاوروبى) ان هؤلاء الفنانين الاوروبين بلغ من إعجابهم بالكتابه العربية انهم نقلوا بعض العبارات فى كثير من الاحيان نقلاً صادقاً من دون أن يعرفوا ما تحمله تلك العبارات من المعانى ولم يمنعهم جهلهم بالكتابه العربية من أن يأخذوا من العبارات المذكورة نماذجاً لزخرفه منتجاتهم المختلفه كما يشهد بذلك مجموعة من التحف الفنيه التى صنعها الاوروبين انفسهم والتى تحتفظ بها متاحف العالم المختلفة .
نذكر من هذه التحف صليباً أرلندياً من البرونز يرجع تاريخه الى القرن التاسع الميلادى حيث نجد عليه بالخط الكوفى عبارة (بأسم الله) بل وأكدت أن بعض المدن الايطاليه وهى البندقيه سكت تقليداً للعمله العربية عمله اخرى ذهبيه إيطاليه اشتملت على اَيات قرأنيه وعبارات دعائية بالأضافة للتاريخ الهجرى وقد أطلق على هذه النقود العمله البيزنطيه العربية وقد ظل معمولاً بها حتى عام 249 ميلاديه عندما احتج عليها البابا (اينوسنت) فأوقف ضربها لذا وجدنا أن لوحات كبار المصوريين الايطاليين تشتمل على نماذج من الكتابه العربية او المستوحاه منها كان من اوائلهم فى ذلك الفنان المصور جوتو(1276- 1337م) والفنان فيليبو ليبى (1406- 1469م)
الرسام الايطالى فيليبو ليبى على وجه الخصوصى كان ذا حساسيه مرهفة تجاه هذه الحضارة التى أعطت للدنيا هذه الخطوط العربية على وجه الخصوصى لتواصل شعوبها وثقافتها التى حملت معانى دينها ورساله خالقها فى اَن واحد .
وقد ازكى هذه المشاعر وزادها عمقاً ورسوخاً إقامة فيليبو ليبى فترة من الزمن فى اَسر المسلمين فى بلاد المغرب وهو ما أكده الناقد الشهير( فزارى) فى تحليله لعناصر فنونه وتأثير رحلة حياته على ثقافته التصويريه ومفرداته الفنيه وقد انعكس ذلك فى إنتاجه الفنى ولوحاته ذات المضمون الدين المسيحى وحتى فى تصويره للرموز الدينيه المسيحية المقدسه فى ديانته بما فيها لوحة العذراء ذاتها
وفى لوحته الشهير ( تتويج العذراء فى فلورنسا ) استخدم فيليبو ليبى الكلمات العربية مصوره على الثياب التى يرتديها بعض الاشخاص بل واستخدم الكتابه العربية الكوفيه فى تزيين هالة العذارء ايضاً وأكد على استخدام الحروف العربية كعنصر زخرفى ونجد فى لوحة التتويج هذه شريطا زخرفياً تزينه حروف عربية وذلك فى الوشاح الذى تحمله الملائكة .
والعجيب فى شأن الفنانيين المنصفين الذين اعترفوا بالفنون الاسلاميه والعربيه وعلى رأسهم فنان ايطاليا الشامخ (فيليبوليبى) أن استخدام الخط العربى وحروفه وكلماته لم يقف عند حد التطور فى اوروبا لكنه استخدم فى مجال النحت ايضاً وكان من هؤلاء الفنانين الاوروبين العظام الذين اسخدموا الخط العربى فى تماثيلهم الفنان (فيروكو)( 1435 – 1488م) وهو أستاذ الفنان الشهير (ليوناردو دافينشى) حيث استخدم الخط العربى فى احد تماثيله الشهيرة والمحفوظة حاليا فى البارجيلو فى فرنسا وقد وضعها على هيئة اشرطة كتابيه تزخرف حواشى الشخص الذى يمثله التمثال .